الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تونس في خطر بسبب التـخـاذل والفـرقــة

نشر في  25 جوان 2014  (11:05)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


رغم التصريحات المعسولة والتفاؤل الاجرامي، هناك مخاطر إرهابيّة مازالت تهدّد أمن البلاد واستقرارها ونموّها الاقتصادي..
ولعلّ أوّل سؤال يستوجب طرحه،  هو لماذا لا يتمّ التخطيط بصفة شاملة للقضاء على الارهاب بعد أن ترعرع وتفرّع وتكرس «بفضل» الأخطاء الفادحة لحكومتي الترويكا اللتين سمحتا للارهابيين بالتنقّل واقتناء الأسلحة والتمركز لأنّ هدف الترويكا وخاصّة النهضة كان التحكّم في مفاصل الدولة والاستيلاء على الوزارات وأغلب المؤسّسات معتبرة أنّ العنف والارهاب خطر ثانوي.. ولقد كان لموقف المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر الأثر السلبي في التصدي للارهاب لأنّ علاقتهما بالنهضة كانت علاقة الحاكم بالمحكوم فيه الذي يطمح الى أن يكون الرئيس المقبل للجمهوريّة! وهكذا لم يجرؤ أيّ من الرّؤساء الثلاثة على التحرّك من أجل اعداد مخطّط محكم ومتكامل لقطع دابر الارهاب دون أن تكون له أيّ خلفيّة أو مدفوعا بأيّ طموح سياسي.. والى يومنا هذا، ورغم بعض الاجراءات التي اتخذتها حكومة المهدي جمعة فنحن بحاجة الى عزيمة صلبة والى مخطّط شامل لاجتثاث هذه الآفة.
وفي هذا السياق نتساءل لماذا لم يقع تغيير بعض القيادات الأمنية في وزارة الدّاخلية والحرس الوطني، مع العلم أنّ هذه الوزارة تتعامل بطريقة غريبة مع المتشدّدين والارهابيين وأحسن دليل على ذلك هو التقاعس في شنّ حرب استباقيّة على المتطرّفين الذين يعيشون في أمان في  بعض الأحياء الشعبيّة وغيرها، وقد بلغت بهم الوحشية حدّ الاحتفاء بقتل أو ذبح أمنيين وجنود! نعم لقد ركّز الارهابيون خيمة واحتفلوا بالمجزرة التي ارتكبها زملاؤهم، ورغم بشاعة ما أقدموا عليه، لم تتحرّك الوزارة، بل انّ مسيرات مساندة سجّلت في عدد من المدن في حين اكتفت وزارة الداخلية بالتفرّج! فكيف يمكن أن تشنّ «الداخلية» حربا شاملة وهي فاقدة لإرادة صلبة، وإن كان أغلب الأمنيين والحرس شرفاء و«أولاد تونس» وينتمون الى الأمن الجمهوري.. فعلى السيد مهدي جمعة أن يتدخّل لإرجاع وزارة الدّاخلية الى السكّة الصحيحة وإلا فليستقل ان كان غير قادر على مجابهة مجموعات العنف...
كما أنّ  تونس بحاجة إلى إزالة الأمن الموازي وإزاحة كل مسؤول يأتمر بأوامر حزب ويخضع لحساباته.. فمن يصدّق انّ الأمن التونسي يجهل أسماء المتشدّدين الموجودين في الأحياء وأنّه غير قادر على مواجهتهم وهزمهم؟
إنّ الحكومة تفتقر للإرادة الكافية وللتخطيط الشامل كما انّ مردود وزارة الدّاخلية دون المأمول ولو اهتمّت هذه الوزارة أكثر بالارهاب عوض الاهتمام بإركاع النّقابات الأمنية لكانت أكثر نفعا للبلاد والعباد.
وعلى صعيد آخر، من يتصوّر ـ ولو للحظة واحدة ـ  انّ وزارة الداخلية عاجزة عن التحكّم في المساجد التي يديرها المتطرّفون ودعاة الفتنة والعنف! فماذا يتطلّب القبض على مائة متشدّد يدعون للجهاد في سوريا ويطالبون «بكسر شوكة الطاغوت»! حتى الأبالهة لن يصدّقوا انّ الأمنيين التونسيين غير قادرين على السيطرة على 100 مسجد إذا تلقوا أوامر من وزير الداخلية تقضي بذلك .  ومهما كانت سذاجة المرء، فلن يصدّق انّ الأمن والبنك المركزي غير قادرين على التصدّي للجمعيات «الخيرية» وبارونات التهريب الذين يساهمون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في انتشار العنف والأسلحة والارهاب وهل يجهل الأمن والديوانة أسماء كبار المهرّبين؟ ثمّ هل تحرّت الوزارة في كلّ الانتدابات وهل وقع تعيين الأمنيين في الولايات وفي المناصب استنادا إلى  الحرفية والوطنية أم حسب الميولات والصداقات والمصالح؟ ثمّ لماذا لا تتصدّى الحكومة بجدية لنشاط الارهابيين على الأنترنات والفايسبوك؟
إنّ السياسة الأمنية لمكافحة الارهاب تتطلب تخطيطا جدّيا وشاملا لا يخضع لأيّ حساب ولا لأيّ مصالح سياسيّة، ولولا تضحيات الجنود والأمنيين والحرس لجزمت بأن خياراتنا للتصدي للارهاب أشبه ما تكون بإناء مثقوب نحاول استعماله لإفراغ البحر من مائه!
فكفانا تخاذلا لأنّ الضّربات الارهابيّة منتظرة ولأنّ حياة جنودنا وضباطنا وحرسنا وشرطتنا والمدنيين والسياسيين أثمن ما نملك، فلو قتل البعض منهم فستتحمّل الحكومة وخاصّة وزارة الداخلية جزءا من المسؤولية في ذلك!
كلمة أخيرة للأحزاب السياسيّة التي تركض وراء المناصب: هل قدّمتم تصوّرا واضحا وشاملا لمكافحة الارهاب أو للتصدّي لالتهاب الأسعار؟